في هذه التدوينة ملخص ما دار في محاضرة الدكتور فيصل القاسم:
كان السؤال الأول من موظف في إحدى الوزارات: ما هي المحددات الدقيقة التي تساعد الإنسان على الظهور في وسائل الإعلام؟
ج: نحن كعرب متخلفون في التعامل مع وسائل الإعلام، وهذه مشكلة ثقافية بنيوية جعلت العربي مرتبكا خائفا في مواجهة وسائل الإعلام. الإعلام عند العرب هو ذو اتجاه واحد تلقيني، وحتى كلمة الإعلام بنفسها عند العرب مختلف، هم الوحيدين الذي يترجمون مصطلح (Mass communication) إلى الإعلام بمعنى الإخبار، وليس مثل العالم يترجم إلى الاتصال أو التواصل.
ويكمل القاسم جوابه قائلا: هناك ثلاث أساسيات لينجح الإنسان في وسائل الإعلام وهي:
الإلمام باللغة التي تتحدث بها: مع التأكيد من خلال دراسة قالت أن المتحدثين باللغة الفصيحة هم الأكثر تأثيرا وتواصلا.
الثقافة
طريقة التوصيل: أي كيف توصل اللغة الإعلامية للجمهور وبأي طريقة.
نأتي بعدها إلى لغة الجسد،(إذا أردت الإطلاع على كتاب دليل لغة الجسد اضغط هنا) فالعرب في أفكارهم يحبذون الرزانة والصمت والهدوء، دون وعي بأهمية الحركة وتعابير الوجه وتقاسيمه والانفعالات ومستويات الصوت، فالدراسات الحديثة تؤكد أن الأشخاص الذين يستخدمون لغة الجسد هم أكثر تأثيرا من الناس الذين لا يستعملونها". نصل إلى نقطة مفادها بتكامل عناصر اللغة والثقافة وطريقة التوصيل ولغة الجسد.
س: هل تعتقد أن الإعلام الغربي قد قدم الصورة النموذجية للإعلام الحقيقي؟
ج: الإعلام الغربي ليس مثالي، هو موجه وذو مصالح وتتحكم فيه اللوبيات ورؤوس الأموال، هناك صاحب مصنع نووي يملك مؤسسة إعلامية، ماذا تتوقع من العاملين فيه، هل سينتقدون الأسلحة النووية؟ (من يدفع للزمار يطلب اللحن الذي يريد)، لكن مع ذلك لا نستطيع مقارنته بالإعلام العربي، الإعلام الغربي فيما يخص القضايا الداخلية هو سلطة رابعة، ويمكن أن تكون ثالثة أو ثانية في بعض الدول.
س: معنى الرزانة؟ وهل ما يحصل في برنامج الاتجاه المعاكس يخالف الرزانة؟
ج: في العالم العربي أن تكون رزينا يعني أن تكون جامدا ولا تتحرك، وكثيرون يقولون بانعدام الرزانة في برنامج الاتجاه المعاكس، لكن ماذا تتوقع من أمة حبست داخل قفص لمدة طويلة ثم فتحت لها الأبواب لتتكلم، ما يحصل من مقاطعات في البرنامج لا تتجاوز 16% من وقت البرنامج وهذا بدراسة أجريت، وهي (أي المقاطعة) في غالبها سياسية الغرض منها التشويش على الضيف الآخر، حدث مرة أن قاطع ضيف الضيف الآخر طوال الحلقة وما استطاع الطرف أن يرد لشدة مقاطعة الأول له باستمرار، وعبثا حاولت منعه، وبعد نهاية البرنامج سألته: يا أخي ليش ما سمحتله يتكلم، كمان هذا حقه؟ رد المقاطع وهو يشير إلى عنقه: إيه عاوزهم يقطعوا رقبتي لما أرجع، لا يا عم، مش ممكن.
س: كتب في الصحف الغربية كثيرا عن برنامجك، وأنه مجرد تشويش وصراخ، ما ردك؟
ج: الإعلام الغربي قبل حديثه عن البرنامج عليه أولا أن يعظوا برلماناتهم، انظر، في البرلمان الإيطالي ضربوا بعضهم بالكراسي حتى صدر أمر من الحكومة بتثبيت المقاعد على الأرضية، انظر إلى البرلمان البريطاني وهو ما هو فيه صراخ ومشادات، وفي الفترة الأخيرة شاهدنا البرلمان الأوكراني يحدث فيه نفس الشيء.
الغرب يتكلمون عن الحضارة وهم أكثر الناس سفكا للدماء، انظر إلى حروبهم وكم قتيل فيها وإلى حروبنا وكم قتيل فيها، لا مقارنة في عدد القتلى.
س: الحياد في وسائل الإعلام؟ وهل قناة الجزيرة بعيدة عن الميل نحو السياسة القطرية؟
ج:الحياد هو أكبر كذبة شهدها الإعلام، لا يوجد حياد في عالم الإعلام. في الجزيرة نأتي بالطرفين وكل واحد يدلو برأيه واتجاهه، لكن انظر إلى وسائل الإعلام الغربية كم طرفا تأتي به ليتحدث خصوصا في القضايا الخارجية.
وهذا ايضا يعني بأنه لا وجود لكاتب أو مؤرخ أو مفكر محايد، كل واحد يكتب من وجهة نظر معينة، والتاريخ مليء بالإنحياز. يقول هنري كار المؤرخ البريطاني الشهير: " قبل أن تقرأ عن التاريخ إقرأ عن المؤرخ، وقبا ان تقرأ عن المؤرخ أقرأ عن ظروفه السياسية والثقافية والاجتماعية"، فالماركسي يكتب التاريخ من منطلق صراع الطبقات، والإسلامي من منطلق القضاء والقدر. وأضيف لا داعي للإعلامي أن ينضم لحزب سياسي ليكون سياسيا، فالصحفي أو الإعلامي هو سياسي شاء ام أبى.
ما أريد قوله: لا بأس أن تكون موضوعيا، لكن صعبا أن تكون محايدا؛ لأنك لن تكون محايدا أبدا.
س: تعامل وسائل الإعلام مع اللغة العربية؟
ج: كما لدينا في تاريخنا سايكس بيكو سياسي لدينا اليوم سايكس بيكو لغوي، بعض المسؤولين يطلبون من المذيعين الحديث بلهجتهم المحلية (لم أسجل نقاطا كثيرة في هذه النقطة).
س: شخصية فيصل القاسم؟
ج: إذا يصح أن أصف نفسي فأنا مع هموم الأمة العربية، وشخص أكره التحزب؛ لأني ارفض أن أصنف في خانة ضيقة، هناك عبارة تقول: "للسياسي ضروراته، وللإعلامي خياراته"، لهذ يجب على الإعلامي أن يكون منفتحا على الكل، عارفا بكل التفاصيل.
أريد أضيف أننا نحن العرب أمة انطباعية، فنحكم على المرء دون معرفته أو الاقتراب منه، ونحكم عليه بفكرة واحدة لا تتغير إلا بصعوبة.
س: لماذا تركز الجزيرة على بعض الدول العربية دون غيرها؟ مصر مثلا؟
ج: أولا التركيز على مصر: كل ثلاثة عرب بينهم واحد مصري (أيضا لم أسجل نقاطا أخرى).
س: كيف نغير الإعلام العربي؟ هل بفصله عن الحكومات ليكون إعلاما حرا؟
ج: أولا الكلام عن إعلام حر هو كذبة كبرى، ثانيا: إذا تحل مشاكل العرب السياسية تحل مشاكله الإعلامية تلقائيا، فالإعلام في الغرب ليس منة من الحكومة، وهو منصوص عليه في الدساتير قانونيا، وهو مؤسسة وجزء لا يتجزأ من عملية سياسية ديمقراطية كاملةز
ولو قلنا مجازا بوجود (الإعلام الحر المتحرر) فهو لا يكون إلا جزء من العملية الديمقراطية الشاملة، لأن الإعلام (الحر) هو جزء من آليات المراقبة التي تصنعها الديمقراطية قبل أساسياتها (الديمقراطية تصنع آليات المراقبة قبل أساسيات الديمقراطية).
وأنا أشبه القنوات العربية عدا الجزيرة كالطائرة (الورقية) تراها من بعيد حرة تطير لوحدها، لكن إذا اقتربت منها رأيتها متصلة بخيط تحرك به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق